لطالما تساءلت فيما إذا كان تطوير إضافات وقوالب ووردبريس أمرًا يستحق التعب والجهد، هل يمكن أن يكون مشروعًا مربحًا ومستدامًا؟ وعندما ألح عليّ هذا السؤال، لم يكن هناك أفضل من صديقي العزيز عمر الدباس للإجابة عنه، فهو يشغل حاليًا منصب الشريك الإداري والمدير التنفيذي بشركة WPFactory، وهي شركة متخصصة في تطوير إضافات ووردبريس.
لكن قبل أن اسأله خطر لي أن أكتب مقالًا شاملًا عن تجربته، لأنشره هنا على مدونة ووردبريس بالعربية، وعندما أخبرته عن فكرة المقال لم يتردد للحظة في مشاركتنا بجميع المعلومات، وأجابني بلهجته الأردنية المحببة: "عيوني الك، شو ما بدك أنا جاهز". لذلك طرحت عليه الكثير من الأسئلة لنتعرف على خبايا إدارة شركة تعمل في هذا المجال، ولنرى إن كان العمل في مجال تطوير الإضافات يستحق الجهد المبذول، فلنكتشف ذلك معًا.
بداية الفكرة ولماذا انضم عمر للمشروع؟
يخبرنا عمر أن جذور WPFactory تعود إلى عام 2014، عندما أراد Tomas (وهو أحد الشركاء المؤسسين) البحث عن حل لمشكلة واجهته في متجره الإلكتروني، فاكتشف أن هذه المشكلة شائعة بين الكثير من أصحاب المتاجر الإلكترونية، فكان الحل الممكن هو تطوير كود صغير (Snippet) يُضيفه إلى موقعه، وبما أن Tomas كان يعمل كمطور ووردبريس، أدرك مباشرة أن بإمكانه تحويل هذا الكود إلى منتج وبيعه كإضافة Plugin، وبالفعل تم ذلك، فكانت أول عملية بيع بتاريخ 26/7/2015 ببداية متواضعة بقيمة 5$، لكنه استمر في تطوير المزيد من الإضافات ليحُل المشاكل التي كان يواجهها أصحاب المتاجر:

خلال السنوات اللاحقة، انضم 3 شركاء آخرين إلى المشروع، عمر وصديقه عبد الحميد كمتخصصين في تطوير المنتج والتسويق والتصميم، و Pablo كمطوّر برمجيات، ليكتمل شكل الفريق المؤسس للمشروع.
لماذا انضم عمر؟ يقول عمر أن الدافع الرئيسي لديه كان رغبته بامتلاك منتج رقمي خاص به، يمكنه التحكم في تطويره والتسويق له بشكل كامل، كون لديه تجارب سابقة في العمل عبر الانترنت في التسويق بالعمولة وغيرها، فكانت فكرة امتلاك Plugins تعطيه أفضلية في إدارة مشروعه بشكل كامل.
التحديات الأولى: كيف أصبحت WPFactory شركة حقيقية؟
يجيبنا عمر بأن المشروع رغم نموه، لم يكن شركة فعلية في البداية، بل مجرد متجر إلكتروني يبيع الإضافات، فكان لابد من مواجهة تحديات كبيرة، من أبرزها غياب الهوية البصرية القوية، حيث لم يكن هناك حتى شعار مناسب وأيقونات تعكس فكرة الإضافات، مما كان ينعكس على مصداقية الموقع لدى الناس، أما عن الدعم الفني كان أيضاً متذبذبًا، مما جعل تجربة العملاء سيئة في بعض الأحيان، وكما هو معروف، فزبون غاضب قد يضيع جهد أسابيع من التسويق إذا ترك تقييماته هنا وهناك.
إضافة إلى ذلك، لم يكن هنالك تركيز كبير على التسويق والعلامة التجارية، مما صعّب انتشار المنتجات وجذب المزيد من المستخدمين.
لكن التحدي الأكبر كان في الفريق الذي لم يكن مكتملًا، فقبل انضمام عمر وعبد الحميد، كان الفريق متخصصًا بالبرمجة فقط، مما جعله ضعيف تسويقيًا أمام المنافسين، لذا كان الحل هو بناء فريق متكامل يغطي جميع جوانب العمل، فتم تعيين موظفين متخصصين في الدعم الفني للرد على استفسارات العملاء وحل المشكلات، كما تم تشكيل فريق من المطورين لضمان تطوير الإضافات بجودة عالية، ومتخصصي تسويق رقمي ضمن فريق يقوده عمر، بالإضافة إلى عمله كـ CEO، والآن يعمل في الشركة اليوم 11 موظفاً من دول مختلفة، 6 منهم من الوطن العربي، وبفضل هذه الخطوات، أصبحت WPFactory شركة حقيقية لها رؤية واضحة وخطة عمل محددة.
ما الذي تقدمه WPFactory وكيف تساعد العملاء؟
يخبرنا عمر أن الشركة تعمل على تطوير إضافات تركز على تمكين أصحاب المتاجر الإلكترونية من التحكم الكامل بمتجرهم، فمثلًا من بين الإضافات الأكثر مبيعًا هناك إضافات متخصصة في تحديد السعر والوزن والكميات، حيث تتيح لأصحاب المتاجر وضع حد أدنى أو أقصى لعدد المنتجات التي يمكن شراؤها،. كما توفر الشركة إضافات تحسين معدلات التحويل مثل إضافة Free Shipping Bar، والتي تعرض للعميل مقدار المبلغ المتبقي للحصول على الشحن المجاني على شكل شريط، مما يساعد على زيادة معدل إتمام عمليات الشراء، بالإضافة إلى ذلك تقدم الشركة إضافات لإدارة الضرائب وفق القوانين الأوروبية، وغير ذلك.
يضيف عمر أن الشركة تتعامل مع طلبات العملاء بناءً على تحليل دقيق، حيث تُقيم مدى جدوى الميزة المطلوبة، فيما إذا كانت ستفيد شريحة واسعة من المستخدمين قبل اتخاذ القرار بتطويرها، ففي بعض الأحيان تُرفض بعض طلبات العملاء التي لا تتماشى مع استراتيجيات الشركة، لكن مع تقديم بدائل وحلول أخرى لهم.
استهداف السوق الغربي: لماذا لم تتجه WPFactory إلى السوق العربي؟
يخبرنا عمر بأن WPFactory بدأت أساسًا كشركة أوروبية، وحتى عند دخول الشركاء العرب إليها، لم تستطع التركيز على السوق العربي بشكل كبير، بسبب التحديات اللوجستية التي تواجه السوق العربي، مثل اختلاف أنظمة الشحن وطرق الدفع، فمنتجات الشركة معدة للبيع عالميًا وغير مخصصة لدول معينة، والتركيز على حلول خاصة محلية تخدم دولة أو منطقة معينة فقط سيكون مكلفاً مقابل العائد المرجو من الفئة المستهدفة، مما جعل التركيز على السوق الغربي أكثر جدوى من الناحية التجارية.
المنافسة في السوق العالمي: هل يمكن لشركة ناشئة الصمود؟
يشرح لنا عمر أن WPFactory تواجه منافسة قوية جدًا، حيث توجد شركات ضخمة في المجال، بعضها يضم أكثر من مئة موظف، ولها وجود قديم في السوق منذ عام 2010. مما يجعل المنافسة شرسة وصعبة، حيث تعتمد هذه الشركات على فرق تسويقية وميزانيات ضخمة واستراتيجيات قوية لاجتذاب العملاء.
أيضًا يشير عمر إلى الاختلافات في ثقافة العملاء حسب كل دولة، فمثلًا يُقدر بعض العملاء الخدمة الأساسية المقدمة لهم، ويعطي مراجعات إيجابية بسهولة، لكن في بعض الدول الأخرى إذا لم تُنفذ الشركة طلب العميل، فيطلب مباشرة استعادة المبلغ المدفوع، وقد ينشر تقييمات سلبية تؤثر على سمعة الشركة، مما يجعل التكيف مع احتياجات العملاء المختلفة أمرًا ضروريًا لضمان الاستمرار في المنافسة.
استراتيجيات التسويق في WPFactory
أما عن استراتيجيات التسويق، فيؤكد عمر أن الشركة تركز على النمو الطبيعي غير المدفوع، وذلك بالاعتماد على تحسين محركات البحث SEO والسوشيال ميديا، والتسويق بالمحتوى من خلال المقالات التوضيحية في مدونة الشركة، والظهور في محركات البحث الداخلية في ووردبريس نفسه، بالإضافة إلى الشراكات مع المواقع التقنية التي تكتب المراجعات؛ كل هذه الطرق تساعد في جذب العملاء المستهدفين، دون الحاجة إلى إنفاق ميزانيات ضخمة على الإعلانات المدفوعة.
نصائح لمن يريد تطوير إضافات وقوالب ووردبريس
يؤكد عمر أن الدخول إلى عالم تطوير إضافات ووردبريس يحتاج إلى مزيج من المهارات التقنية والتسويق والفهم العميق للسوق؛ فمن الناحية البرمجية، يجب على المطور أن يكون على دراية بأساسيات تطوير إضافات ووردبريس، مع الالتزام بمعاييره الرسمية لضمان توافق الإضافات مع المنصة، ولكن لا يكفي أن يكون المطور بارعًا في البرمجة فحسب، بل يجب أن يمتلك حسًا تسويقيًا يساعده في فهم احتياجات المستخدمين وتصميم إضافات تلبي طلباتهم الحقيقية.
السوق العربي يمتلك إمكانيات هائلة، خاصة في مجال المتاجر الإلكترونية، لذلك ينصح عمر المبتدئين بالبدء بإضافات صغيرة ومتخصصة بدلًا من محاولة تطوير منتجات ضخمة من البداية، فمن الأفضل حل مشكلة واحدة بفعالية، مثل تحسين تجربة الشراء أو إدارة الضرائب، بدلاً من محاولة بناء إضافة شاملة تغطي كل شيء. كما يمكن استهداف الأسواق المحلية أولًا، من خلال تطوير حلول تتناسب مع احتياجات المستخدمين في بلد عربي، مثل بوابات الدفع المحلية أو حلول الشحن، ثم التوسع إلى الأسواق العالمية بعد ذلك.
وفي نقطة مهمة يشير عمر إلى أن الإضافات تختلف عن القوالب من حيث السوق والمنافسة حسب تجربتهم، فبينما يمكن للإضافات التي تحل مشاكل معينة تحقيق نجاح سريع، تتطلب القوالب جهدًا كبيرًا في التصميم والتطوير، مع سوق مليء بآلاف القوالب المنافسة، مما يٌصعب نشرها بشكل واسع دون استثمار كبير في التسويق، لذلك اتخذت شركة WPFactory قرارها بالتوقف عن تطوير القوالب.
الإنجازات والنجاحات: إلى أين وصلت WPFactory؟
يخبرنا عمر أن WPFactory تعمل اليوم بنظام Freemium، حيث توفر إضافات مجانية بإصدارات مدفوعة لمن يريد مزيدًا من الميزات، فتجاوز عدد المستخدمين 180,000 مستخدم!، وذلك بفضل فهم الشركة لمتطلبات السوق بشكل أفضل وتحولها إلى كيان حقيقي وليس مجرد مشروع، فأصبح اسمها معروفًا في مجتمع ووردبريس العالمي ببصمتها وهويتها المميزة.
أما عن المستقبل، فيؤكد عمر أن الشركة تخطط لتقليل عدد الإضافات الحالي البالغ 65 من أجل التركيز على الإضافات الأكثر قيمة من ناحية المبيعات، والاستحواذ على مشاريع مشابهة أصغر لدمجها مع الشركة، لأن سوق ووردبريس يحتمل التوسع، رغم ازدياد المنافسين لووردبريس في الفترة الأخيرة، لكنه ما يزال يسيطر على حصة الأسد من السوق.
أما عن العائد المالي؛ فقد أصريت على عمر للإجابة عن هذا السؤال، رغم أنه غير مخول بالكشف عن أرباح الشركة، لكنه أوضح بأن الدخل الشهري للشركة في نطاق الخمس خانات بالدولار (أي أكثر من 10,000 دولار شهريًا) مع طموح بالوصول إلى 50,000 دولار شهريًا عبر الاستحواذات وتحسين استراتيجيات التسويق.
ختامًا أشكرك جزيل الشكر صديقي عمر على كل هذه المعلومات المميزة والغنية، فما تقدمه أنت وفريقك هو دليل حي على أن رواد الأعمال العرب قادرون على اقتحام الأسواق العالمية، حتى في المجالات التي يهيمن عليها كبار اللاعبين، قصة WPFactory تُظهر أن التخطيط الجيد والعمل الجاد يمكن أن يحول فكرة صغيرة إلى شركة ناجحة، وهنا توجد فرصة كبيرة لكل من لديه رؤية واضحة واستراتيجية قوية، فالسوق العربي متعطش بشكل كبير لهذا المجال.
ما شاء الله بالتوفيق يا رب
شكرًا لك. بالتوفيق لك أيضًا.